
هجوم جنين يهدد جهود الرباط.. رسائل دموية ضد حل الدولتين
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
بينما اتجهت أنظار العالم نحو العاصمة المغربية الرباط، حيث احتضنت يوم أمس الثلاثاء 20 ماي الجاري، الاجتماع الخامس للتحالف العالمي من أجل تنفيذ حل الدولتين، اهتز المشهد الدبلوماسي بخبر صادم عشية اليوم الأربعاء، بعد تعرض وفد دبلوماسي، ضم السفير المغربي لدى فلسطين، لهجوم مسلح في مدينة جنين بالضفة الغربية، ما خلف عدة إصابات وأثار حالة من الذعر والارتباك في صفوف المشاركين الفلسطينيين والدوليين.
هذا الحادث الخطير جاء في توقيت بالغ الحساسية، لا سيما أنه تزامن مع اجتماعات دولية تهدف إلى دفع عجلة السلام في الشرق الأوسط، من خلال تقييم جهود السلام السابقة، وتقوية المؤسسات الفلسطينية، وبناء أسس اقتصادية تمهد لقيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام.
– هل هناك من يعاكس مسار الحل؟
الحادث المسلح في جنين لا يمكن فصله عن السياق الأوسع، فهو يطرح علامات استفهام حول وجود أطراف متطرفة إسرائلية او من المقاومة الفلسطينية أو قوى إقليمية اخرى لها مصالح في إفشال أية جهود لتقريب وجهات النظر أو تثبيت مقومات الدولة الفلسطينية المنشودة، ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها المباشرة عن الهجوم، إلا أن الأسلوب وطبيعة الاستهداف توحيان برسائل سياسية واضحة، مفادها أن هناك من يرى في مسار حل الدولتين تهديداً لأجنداته الخاصة، سواء كانت أيديولوجية أو سلطوية.
الوفد المغربي المستهدف كان جزءاً من جهود الرباط لتجسيد التزامها التاريخي والمبدئي بدعم القضية الفلسطينية، وهو ما يجعل الهجوم ليس فقط اعتداءً على دبلوماسيين، بل على رمزية الوساطة المغربية والروح التصالحية التي تحاول المملكة قيادتها دولياً.
تداعيات الهجوم على مسار الاجتماعات
لم تؤدِ الحادثة إلى تعليق أشغال الاجتماع في الرباط، إلا أنها أثرت حتماً على مناخ الثقة والحوار، وأجبرت عدداً من الوفود على مراجعة ترتيباتها الأمنية والتعبير عن قلقها من هشاشة الوضع الميداني في الضفة الغربية، وقد أثير الموضوع بقوة في الجلسة المغلقة الأولى، حيث تم التأكيد على أهمية تسريع الإجراءات الميدانية لدعم مؤسسات السلطة الفلسطينية وضبط الأمن الداخلي، كأحد الشروط الأساسية لبناء الثقة.
– الرباط مستمرة… ولكن!
رغم الصدمة، فإن عزيمة المملكة المغربية ستواصل التزامها الثابت بمسار السلام العادل والشامل”، واستمرار الدعوة لعدم السماح للأعمال التخريبية بتقويض المساعي الدولية”.
ويبدو أن حادث جنين أعاد التأكيد على حقيقة أن الطريق إلى السلام محفوف بالمخاطر، ليس فقط من قبل الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التوسعية، ولكن أيضاً من داخل الصف الفلسطيني نفسه، حيث تبرز أصوات راديكالية ترى في أي حل تفاوضي استسلاماً مرفوضاً.
بين جهود الرباط لإطلاق منصة دبلوماسية داعمة لحل الدولتين، ورسائل العنف الموجهة من جنين، تتجلى معركة الإرادات، فإما أن تنتصر الدينامية السياسية القائمة على الحوار والبناء المؤسسي، أو تسود الفوضى التي يستغلها المتطرفون من الجانبين. ويبدو أن المشهد الحالي يعكس بكل وضوح أن حسم خيار السلام يتطلب أكثر من اجتماعات دولية، يتطلب إرادة ميدانية صلبة، وحماية للجهود من الداخل والخارج على حد سواء.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X