مرضى السرطان في المغرب بين فكي التكلفة والحرمان.. هل أصبح العلاج رفاهية؟

هبة بريس – محمد زريوح

تستمر معاناة مرضى السرطان في المغرب بسبب نقص الأدوية الحيوية وغياب التحديث المناسب للوائح الأدوية المعوض عنها من قبل التأمين الصحي، مما يفاقم من الأوضاع الصحية والاقتصادية للمرضى.

هؤلاء يجدون أنفسهم أمام اختيارات صعبة تتمثل في الاستدانة لتغطية تكاليف العلاج أو التوقف عنه بشكل قسري بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الأدوية الضرورية لعلاج السرطان.

دواء “كيترودا” (Keytruda) يعد من أبرز الأمثلة على هذا التحدي، إذ يُستخدم بشكل واسع في علاج السرطانات المتقدمة ويصنف من العلاجات المناعية الحديثة التي حققت نتائج إيجابية في العديد من الدول المتقدمة.

لكن في المغرب، لا يُدرج هذا الدواء في قائمة الأدوية المعوض عنها من قبل التأمين الصحي، مما يضع المرضى في مواجهة تكاليف غير محتملة. يُقدر ثمن الجرعة الواحدة من هذا الدواء بحوالي 50 ألف درهم، ما يجعله غير متاح للكثير من الأسر المغربية.

هذه الوضعية تسلط الضوء على الخلل البنيوي في النظام الصحي المغربي، الذي لا يواكب التطورات العالمية في علاج السرطان. ورغم توفر أدوية حيوية مثل “كيترودا”، لا يزال العديد من المرضى في حاجة ماسة إليها ولا يستطيعون تحمل تكاليفها بسبب غياب التغطية المالية الكافية، مما يزيد من معاناتهم ويقلص فرصهم في النجاة.

و تتجه الأنظار حاليًا إلى مشروع مرسوم حكومي يهدف إلى مراجعة أسعار الأدوية المرتفعة، خصوصًا الأدوية التي تُستخدم في علاج الأمراض المزمنة والخطيرة.

غير أن هناك مقاومة كبيرة من لوبيات الأدوية، التي ترى أن هذا المرسوم قد يؤثر سلبًا على استثمارات الشركات العالمية في السوق المغربي. هذه الاعتراضات تثير تساؤلات حول مدى تأثير المصالح التجارية على حقوق المرضى.

من جانب آخر، يرى المختصون في القطاع الصحي أن الاعتراضات التي تثار ضد المرسوم لا تصب في مصلحة المرضى، بل تدافع عن مصالح ضيقة في ظل غياب حلول فعالة لتخفيض تكاليف الأدوية. فالمؤسسات التجارية تواصل تحقيق أرباح ضخمة بينما يعاني المرضى من تكاليف علاج باهظة غير مغطاة من التأمينات.

و تستمر معاناة المرضى جراء رفض تعويض الأدوية الحديثة مثل “كيترودا” بحجة أنها غير مدرجة في لائحة الأدوية المعوض عنها من قبل التأمين الصحي، مما يُجبرهم على تحمل كامل التكاليف. ورغم أن هذه الأدوية تُعد أساسية في علاج السرطان، إلا أن معظم المرضى لا يستطيعون الوصول إليها بسبب ارتفاع أسعارها.

و بحسب تقديرات المختصين، فإن تكلفة العلاج الشهري لمرضى السرطان تتراوح بين 20 و60 ألف درهم، خاصة في حالات سرطان الرئة والثدي. ورغم هذه التكاليف المرتفعة، يُرفض تعويض العديد من الأدوية الحديثة، مما يزيد من تعقيد الوضع بالنسبة للمرضى وأسرهم.

و في هذا السياق، تتزايد الدعوات من المجتمع المدني والمهنيين في قطاع الصحة من أجل تسريع تحديث لوائح الأدوية المعوض عنها، وذلك لتوسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل العلاجات الضرورية التي قد تنقذ حياة المرضى.

كما يُطالب هؤلاء بتسريع تنفيذ مشروع الحماية الاجتماعية الذي يهدف إلى تعميم التغطية الصحية على كافة المواطنين.

من جهته، يطالب المختصون في قطاع الصحة بتغيير طرق تدبير الملفات داخل مؤسسات مثل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، بحيث يتم تبسيط الإجراءات الخاصة بالموافقة على الأدوية الحديثة وضمان شفافية التسعير في سوق الأدوية.

هذه الإصلاحات تهدف إلى تسهيل وصول المرضى إلى العلاجات اللازمة وتكريس الحق في العلاج كحق دستوري وإنساني.

إلى ذلك، يجب أن يكون الحق في العلاج حقًا مكفولًا لكل المواطنين دون استثناء. من الضروري أن تتخذ الدولة خطوات جادة لإصلاح النظام الصحي في المغرب وتوفير الأدوية الضرورية للمرضى، مع مراعاة التوازن بين المصالح التجارية وحقوق المواطنين في الحصول على العلاج الأمثل.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى