
زيارة ترامب لثلاث دول خليجية.. دروسٌ وعبر
محمد منفلوطي_ هبة بريس
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد كسّر الاعراف الدبلوماسية الأمريكية التي كانت في السابق نرى فيها الرؤساء المتعاقبين على إدارة البيت الأبيض، يضعون في أجنداتهم الخارجية زيارة حلفائهم التقليديين وعواصم غربية ودول مجاورة خلال جولاتهم الخارجية بعد تنصيبهم، إلا أن الرئيس ترامب في حالته والتي لا تخرج عن نطاق ولايته السابقة التي خصص فيها أول زيارة خارجية له للسعودية، وليس غريبا أن تحظى هذه الجولة الشرق أوسطية لثلاث دول خليجية، بالاهتمام البالغ لوسائل الاعلام العالمية والصحف الدولية، كالقراءة التي ذهب إليها السفير الأمريكي السابق لدى المملكة السعودية مايكل راتني في مقال له بمجلة “نيويورك تايمز”، حين قال بأن الرؤية الآن تتشكل لدى الكثيرين سواء داخل الولايات المتحدة الأمريكية، أو السعودية، بأن الرئيس ترامب هو يرون رجل أعمال صريح، يتحدث عن المصالح والأثمان لا عن القِيَم، ولا يُلقي محاضرات عن حقوق الإنسان ولا عن المبادئ التقدميّة، بل يسعى إلى الشراكات والاستثمارات.
ذات الكاتب قال إن هذا الموقف من جانب ترامب يتناقض مع موقف الرئيس السابق جو بايدن، الذي كان قد تعهّد في حملته الانتخابية بأن يجعل من السعودية “دولة منبوذة”، لكن مع مجيء ترامب يقول الكاتب، مشيرا أن رؤية السعودية 2030، التي يتبناها محمد بن سلمان وسعى حثيثا لتحقيقها، قد أخذتْ طريقها نحو التنزيل الصحيح، بل وجدت حيزا ومكانا كبيرا داخل مخيلة كل سعودي.
دعونا، نفكك معادلة الزيارة التي قام بها الرئيس ترامب إلى ثلاث دول خليجية ” السعودية وقطر والامارات”، وهي أول زيارة خارجية لترامب، إذا تم استثناء حضوره لتأبين “بابا الكنيسة الكاثوليكية”.
زيارة ترامب لدول الخليج الثلاث، تحمل في طياتها أبعادا جيوستراتيجية عميقة، بل وأنها تعطي الدروس في علم السياسة والعلاقات الدولية القائمة على المصالح الاقتصادية، وتجسد لمقولة أن في السياسة لاصداقة دائمة ولا عداوة كذلك.
الدكتور والمحلل السياسي “عمر الشرقاوي”، تفاعل مع الحدث، وحدد أهدافه الرئيسية التي اختزلها في سبعة دروس دونها على صفحته الفايسبوكية بالقول:
1- الدرس الأول، هيمنة البراغماتية الفجة، فلا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة هناك مصالح دائمة، و( الدليل هو استقبال ترامب للرئيس السوري الشرع الذي كانت تصنفه أمريكا ضمن قائمة الارهابيين).
2- الدرس الثاني، أولوية الأمن والمصالح الاقتصادية على سردية حقوق الانسان والديمقراطية، فهناك فرق كبير بين إدارة ترامب القائمة على المصالح والإدارة الديمقراطية لبايدن أو اوباما التي كانت تنتقد ملكيات الخليج في ملفات حقوق الانسان وتحملها مسؤولية انتشار التطرف والارهاب.
3- الدرس الثالث زيارة ترامب تعكس إدراكًا أمريكيًا بأن دول الخليج ليست مجرد دول خادمة لمصالح الولايات المتحدة وحكام تلك الدول ليسوا اشخاصا يجلسون فوق آبار الغاز والبترول، بل هم شركاء يُحسب لهم حساب لاسيما في مساعدة أمريكا في ملفات الأمن، والطاقة، والاستثمار، ومحاربة التطرف.
4- الدرس الرابع، لا سلام ولا استقرار بدون صفقات استثمارية خيالية، فالثروة قبل الثورة، والصفقات تحسم الصراعات، والاستقرار له كلفة.
5- الدرس الخامس، الولايات المتحدة تراهن على الأنظمة الملكية والوراثية في تنزيل خريطة الجديدة للشرق الأوسط، فالأنظمة الرئاسية العربية من الجزائر وتونس وليبيا ولبنان واليمن وسوريا والعراق والسودان والصومال غارقة في اللاستقرار والهشاشة.
6- الدرس السادس، هناك قناعة لدى الإدارة الأمريكية أن الحل لمشكل الشرق الأوسط لن يكون بعلاقة منفردة بين واشنطن وتل أبيب بل بعلاقة طرفها الآخر واشنطن والرياض والدوحة وأبو ظبي ودول عربية اخرى. وبلا شك فإن ترامب أحرج حلفاءه في إسرائيل، بل وحتى داعميه في الداخل الأميركي، حين تجاهل إدراج إسرائيل في جدول زيارته، رغم رمزية ذلك في جولات الرؤساء الأميركيين.
7- الدرس السابع، أن مصالح الدول لا تتحقق بالعواطف الجياشة والشعبوية البهلوانية، بل بالحسابات الواقعية والمقايضات المكلفة، ومع ذلك فمصالح الدول واستقرارها لا تقاس بأي مقابل.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X