
الحوز.. هل يتدخل عامل الإقليم لوقف العبث بمياه الشرب بعد استغلالها في “المسابح”؟
هبة بريس – عيد اللطيف بركة
في وقت تبذل فيه الدولة مجهودات كبيرة لتأمين مياه الشرب للمواطنين، خصوصًا في المناطق القروية التي تعاني من تقلبات مناخية وتأثيرات الجفاف، يطفو على السطح مشهد مقلق من سوء تدبير هذه المادة الحيوية، بعدما تم رصد استغلال كميات مهمة من مياه الشرب لملء مسابح خاصة بفيلات فاخرة، في سلوك يُعدّ خرقًا صارخًا لبنود قانون الماء رقم 10-95، وتحديًا مباشراً للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ما فتئ يؤكد على ضرورة ترشيد استعمال الموارد المائية.
في جماعة لالة تكركوست، وبالضبط بدوار تابع لدائرة أمزميز، تعيش الساكنة أزمة حقيقية نتيجة الانقطاعات المتكررة للماء الصالح للشرب، وفي الوقت الذي يعاني فيه السكان يوميًا من شح المياه داخل منازلهم ومن هلاك عدد كبير من أشجار الزيتون التي تُعتبر عماد الفلاحة المعيشية بالمنطقة، تُستغل المياه ذاتها في ملء مسابح خاصة مرتبطة بفيلات يملكها مستثمرون وأجانب وميسورون استقروا في المنطقة حديثًا.
– 63 طناً من الماء لمسبح واحد!
إفادات سكان محليين، تكشف للجريدة أنه يتم التخلص من كميات هائلة من الماء القديم تجاوزت 63 طناً لملء أحد المسابح الخاصة، في وقت كانت فيه العديد من الأسر تعاني العطش، و الغريب في الأمر أن هذه العمليات تتم تحت أعين ممثلي السلطة المحلية، وبعلم رئيس جمعية محلية للماء، دون أن يُحرك أحد ساكنًا، وكأن الأمر لا يعنيهم.
– جمعية تفروين في قفص الإتهام
جمعية تفروين للتنمية القروية، التي تأسست منذ أكثر من 30 سنة بهدف دعم التنمية بالمنطقة وحل مشاكل الساكنة خصوصًا في المجال الفلاحي، يبدو أنها غيرت بوصلتها في السنوات الأخيرة، فالماء الذي كان من المفترض أن يُوجَّه لسقي أشجار الزيتون وتوفير حاجيات السكان اليومية، أصبح يُسخَّر لتلبية رغبات مالكي الفيلات في الاستجمام والرفاهية، في تجاوز خطير لأهداف الجمعية وللمبادئ التي تأسست عليها.
ويُعبر السكان عن استيائهم العارم من هذا الوضع، حيث ارتفعت الأصوات مطالبةً بتدخل عامل إقليم الحوز من أجل فتح تحقيق نزيه وشفاف حول طريقة تدبير الجمعية للماء الصالح للشرب، ووضع حد لهذا العبث الذي يهدد أمنهم المائي والمعيشي، خصوصًا في ظل تزايد تأثيرات التغيرات المناخية والجفاف.
– مطالب بتحقيق ومحاسبة المسؤولين
السكان يطالبون اليوم بتحرك عاجل من طرف السلطات الإقليمية والجهات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية ووزارة التجهيز والماء، من أجل وقف هذا النزيف وحماية حقوق المواطنين في التزود بالماء، كما يدعوا هؤلاء الى محاسبة المسؤولين عن هذا الاستغلال غير القانوني، الذي لا يخدم سوى مصالح فئة محدودة على حساب مصلحة الأغلبية.
إن استمرار هذا الوضع، في ظل غياب إرادة حقيقية لتغيير واقع تدبير الماء بالمنطقة، يُنذر بكارثة تنموية واجتماعية، خصوصًا أن الموسم الفلاحي أصبح مهددًا بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى تراجع إنتاج الزيتون وتفاقم الهشاشة لدى فئات واسعة من السكان.
إن ما يحدث في دوار تابع لجماعة لالة تكركوست يُعتبر صورة مصغرة عن اختلالات أوسع في تدبير الموارد المائية بعدد من المناطق القروية بالحوز والمطلوب اليوم ليس فقط إيقاف هذا النزيف، بل إعادة النظر في طريقة تدبير الجمعيات المحلية للماء، وربط المسؤولية بالمحاسبة، حفاظًا على حق المواطنين في الحياة الكريمة وعلى مستقبل الفلاحة المحلية التي تُعتبر شريانًا اقتصاديًا حيويًا للمنطقة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X